سنة على زلزال تركيا سوريا، كيف يبدو الواقع اليوم؟

سنة على زلزال تركيا سوريا، كيف يبدو الواقع اليوم؟

 سنة على زلزال تركيا سوريا، كيف يبدو الواقع اليوم؟

في هذا الوقت من العام الماضي، استجاب فريق شغف من خلال حملةٍ إغاثية طارئة بعد أن ضرب زلزال مدمر جنوبي تركيا والشمال السّوريّ، أدّى إلى وفاة أكثر من 60 ألف من الأتراك والسوريين الذين يسكنون في جنوب تركيا والشمال السوري.

الآلاف الّذين تواجدوا وسكنوا في مناطق الزلزال، فقدوا الكثير بسببه؛ أحبتهم، بيوتهم، أشغالهم، عملهم، وتفاصيل حياتهم المعتادة. كانت واحدة من أصعب وأعقد الحملات الإغاثية الّتي عملت عليها مؤسسة شغف، خاصةً مع وصول الفريق التّطوعي بعد ساعاتٍ فقط من وقوع الكارثة. فكان علينا التّعامل مع مشاعرنا والصّدمة الّتي تلقيناها جرّاء ما رأينا على أرض الواقع، والعمل في ذات الوقت، على إيجاد حلول سريعة وفورية وطارئة لتقديم المساعدة للمتضررين. وقد امتدت هذه الحملة الإغاثية منذ اليوم الأوّل للزلزال حتى الشهر الثالث دون انقطاع، وعلى امتداد السنة الأخيرة.

بعد مرور سنة على وقوع الكارثة، صرّح وزير الدّاخلية التّركي علي يرلي قايا في مؤتمر صحفيّ: "فقدنا 53537 شخصًا وأُصيب 107213 من مواطنينا خلال الهزّات الأرضية الّتي تسببت بدمارٍ كبير". وقد طال الزلزال 11 محافظة تُركية تمتدّ مساحتها على 120 ألف كيلومتر مربع، مؤثرًا بمستويات متفاوتة على 14 مليون مواطن تركي وسوري، الأمر الّذي يجعل هذا الزلزال واحدًا من أقوى الزلازل تدميرًا في التاريخ.

وتسببت الهزّات الارتدادية بتدمير 38901 مبنى، وذلك وفق وزارة الداخلية التّركية الّتي أفادت بإقامة 645 ألف خيمة إيواء، لإيواء 2.5 مليون شخص مؤقتًا. كما حضر إلى المناطق المنكوبة 650 ألف عنصر إغاثة، من بينهم 11500 أتوا من خارج تركيا. وبعد حوالي سنة على وقوع الكارثة، ما زال نحو 700 ألف شخص يعيشون في الخيام.

أوضاع اللاجئين السوريين


يعاني اللاجئون السّوريون من أوضاع معيشيَّة صعبة منذ سنوات، وذلك قبل حدوث كارثة الزلزال في جنوبي تركيا، لجأوا إلى بلد جديد بحثًا عن حياةٍ كريمة، عاشوا في بيوت ومدن مشتركة مع الأتراك في محاولة للاندماج وإيجاد فرص عمل، عملوا في مختلف الأعمال وأسسوا لأنفسهم حياةً بعيدًا عن النّزاع الدائر في سورية، لكن، مع وقوع الكارثة، لم يتأثر الأتراك فحسب مما حدث، بل كان الأثر مضاعفًا على السوريين الّذين استقروا في مُدن الزلزال، وخسروا بالفعل بيوتهم وعائلاتهم وأعمالهم وكل ما بنوه خلال سنوات اللّجوء السابقة. 

أُنشئت مخيمات كثيرة منها الرسمية ومنها العشوائية وتم ذلك عن طريق مؤسسات الإغاثة الدولية والجمعيات غير الحكومية المحليّة والعالميّة. استقر مُعظم اللاجئين المتضررين في المخيمات العشوائية، وسمحت الحكومة التركية لمن لا يرغب بذلك بعودةٍ طوعية إلى الشّمال السّوريّ. من اختار البقاء في تركيا، في المناطق المتضّررة، بدأ رحلة معاناة جديدة أسوأ بكثير من السابق.

وبحسب الاحصائيات الأخيرة في شهر أغسطس\آب 2023، فإنّ عدد اللاجئين السوريين الّذين يقيمون في مخيمات اللّجوء قد بلغ 73,854 شخصًا، حيث لم يتجاوز العدد في بداية عام 2023، الـ 47 ألف. 

يعاني اللاجئون السوريون بشكلٍ حقيقيّ من أجل إيجاد أماكن عمل، فبعد الاستقرار النسبيّ لنسبة كبيرة منهم والعمل في شتى المجالات المتاحة في الجنوب التركي، فقدت المدن اليوم القدرة على تشغيل المواطنين قبل اللاجئين أو الأجانب، وبحسب الزيارة الميدانية الأخيرة لفريق شغف في محافظة هاتاي/مدينة انطاكيا –مكان العمل الرئيسي للمؤسسة في تركيا-، فقد كان واضحًا مدى صعوبة توفير الاحتياجات الأساسية في ظل غياب أماكن العمل والدخل الثّابت للأهالي، الّذين كانوا سابقًا، وإن سكن بعضهم في الخيام، يعملون في الحقول والمصانع لتوفير ولو القليل لعائلاتهم، ما يعني زيادة الحاجة الإنسانية لتدخل مؤسسات الإغاثة بشكلٍ كبير. 

كما أن الوضع التّعليميّ للأطفال قد توقف منذ تاريخ الزلزال في العام الماضي، فالمدارس أيضًا قد تضررت بشكلٍ كليّ أو جزئي، مما يعني عدم إمكانية انتظام الأطفال وطلّاب المدارس إلا من يسكن منهم في المخيمات الحكومية التي تقدم تعليما داخل المخيمات نفسها. 


العمل الميدانيّ مستمر


رافقنا أهلنا على الحدود التركية السورية منذُ ما يقارب خمس سنوات، بعد هذه الكارثة ازدادت الحاجة وكبرت المسؤولية تجاههم، ما جعلنا ومنذ اليوم الأول من الزلزال نتواجد بشكل مكثّف، ليس فقط في الأشهُر الثلاث الأولى، بل أيضًا على مدار آخر سنة، ننفِّذُ خُطَّتنا ومشاريعنا المُستدامة بجانب العمل الإغاثي المستمر. 

وكما كلّ عام، انطلقنا في حملة الشتاء لإغاثة اللاجئين السوريين على الحدود التّركيّة - السّورية، وتأتي ضرورة الحملة هذا العام –على الرغم من الأوضاع البائسة في البلاد- من أجل يد مد العون للنازحين السوريين الّذين ما زالوا يعانون من آثار الزلزال المدمر حتى اليوم، إضافةً إلى أعباء لجوئهم الأساسية في السابق. 


ميساء منصور
مدونة






Calendar تاريخ المنشور 12 Feb
whatsapp